-->

اللغة العربية تحتفي بيومها العالمي

اللغة العربية تحتفي بيومها العالمي
    في أول اعتراف دولي، وبمقترح مغربي وسعودي، يخلد العالم اليوم الثلاثاء المصادف لـ18 دجنبر، اليوم العالمي للغة العربية باعتماد من اليونيسكو، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، الذي صادق مجلسها التنفيذي المنعقد في أكتوبر الماضي بباريس على القرار، في وقت دعت وزارة التربية الوطنية إلى الاحتفاء بهذ اليوم في المؤسسات التعليمية عبر تنظيم أنشطة ثقافية وتربوية موجهة إلى التلاميذ قصد التعريف بلغة الضاد وبمكانتها الوطنية والدولية.
    ورغم هذا الإعلان العالمي، الذي يراه البعض متأخرا وغير كاف بالنظر لمكانة اللغة العربية تاريخيا وحضاريا، فلا زالت العديد من التساؤلات تطرح حول واقع اللغة العربية ومكانتها من داخل المجتمع المغربي ومستوى حضورها في مؤسساته الرسمية وغير الرسمية، كما أن المختصين في الشأن اللغوي واللساني يرون أن لغة الضاد بالمغرب لا زالت تعيش وضعا مزريا ومترديا بسبب الهجمات المتتالية لطمسها من الخارج، على حد تعبير موسى الشامي رئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية، ولما تتعرض له في الداخل من التيار "المفرنس" من جهة وبعض التيارات الأمازيغية المتعصبة من جهة أخرى التي تعتبر اللغة العربية أجنبية على المغرب.
    الشامي: هناك جهات خارجية لفرنسة المغاربة
    وتسائل موسى الشامي، رئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية، عن سبب ما سماها الهالة والهَبّة الجديدة التي واكبت اختيار اليونيسكو لتاريخ 18 دجنبر للاحتفال بيوم عالمي للغة العربية، "فنحن نعلم أن مقر اليونيسكو هو متوجاد اليوم بالعاصمة الفرنسية باريس"، مردفا أن اليونيسكو تعرف سياسة "الفرنسة" التي تنهجها فرنسا في محاربتها للغة الضاد، "فنحن مع اللغة الفرنسية والفكر الفرنسي.. لكننا ضد سياسة الفرنسة التي تطبقها فرنسا في مستعمراتها القديمة".

    ويرى الشامي، ضمن تصريح لهسبريس، أن هناك ضغوطا من جهات خارجية لإقلاع المغاربة عن استعمال اللغة العربية، حيث تهفو تلك الجهات، حسب الشامي، إلى هيمنة لغتها على بلد لم تستسغ الخروج منه عسكريا، مضيفا أن الدولة المغربية تعرف أن الدول المتقدمة هي الدول التي تستعمل لغاتها الوطنية وتعرف أن هناك دولا صغيرة تقدمت بلغتها الدستورية، مثل كوريا وفنلندا.
    وفي جواب عن كيف يمكن للدولة أن تحمي لغتها الدستورية، أجاب الشامي أن الإرادة السياسية هي أولى أدوات الحماية، موضحا أن سن القوانين ووضع الآليات اللوجستيكية لتحقيق هذا الهدف يفرض نفسه بقوة، "ثم تأتي مرحلة بتطبيق التشريعات القانونية على أرض الواقع"، حيث يرى موسى الشامي أن التطبيق يجب أن يكون إلزاميا و قابلا لكل أنواع الزجر والعقوبات المادية حرصا على هيبة الدولة واحترامها لهويتها ولاستقلالها وحفاظا على تقدمها بلغتها الدستورية والوطنية لا بلغة الغير.
    وخلص المتحدث إلى أنه لا بد من هَبَت وطنية سلمية لحماية اللغة الوطنية، لفرض استعمال اللغة العربية في الحياة كما ينص على ذلك الدستور المغربي، "وإلا شخصيا و كفرد سأظل أتمنى أن تدوم الأمية بالمغرب، لأنها هي التي تحافظ لنا الآن على حميميتنا ضدا على فرنسة اللسان المغربي"، و ذلك لأن الفرنسة، حسب الشامي، لا تجد لها مجالا للانتشار في صفوف الأميين سواء كانوا ناطقين باللغة العربية الدارجة أو اللغات الأمازيغية المختلفة.
    بوعلي: اللغة العربية تعيش التهميش والمحاربة
    ومن جهته، قال فؤاد بوعلي، الباحث والمتخصص في اللسانيات، إن إعلان اليونيسكو هو اعتراف دولي بقيمة اللغة العربية ودورها الحضاري ومكانتها بين اللغات العالمية، وذلك رغم واقع التهميش والمحاربة الذي تعيشه اللغة، موضحا أنها لازالت تعرقَل منذ الاستقلال "بغية حصرها في الطابع الوجداني العقدي باعتبارها لغة منابر ومتاحف دون الولوج إلى ميادين التنمية المختلفة".

    وأضاف بوعلي، الرئيس الأسبق للجمعية المغربية لحماية اللغة العربية في تصريح لهسبريس، أن ذلك الحصر أنتج غياب استعمال لغة الضاد في الإدارة والتعليم والمؤسسات العمومية والشارع العام "مما خلق فوضى لغوية جعلت الفرنسية هي سيدة الفضاء والعربية تتوارى إلى المناطق الخلفية"، وهي نتيجة، حسب بوعلي، أثرت على الحالة الثقافية والتربوية للمواطن المغربي.
    وحول أسباب واقع اللغة العربية في المجتمع المغربي، يعتقد بوعلي، وهو أيضا نائب رئيس الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب، أن منها ما هو سياسي تدبيري يتعلق بالاختيارات السياسة للدولة والتي اتسمت، حسب بوعلي، بعدم الوضوح وعدم الاهتمام بجوهرية اللغة في بناء المجتمع. إضافة إلى ما هو مجتمعي، استنادا إلى تحليل عضو مجلس إدارة مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية في جامعة محمد الأول بمدينة وجدة، يتعلق بغياب الوعي لدى مختلف الفاعلين المجتمعيين بأهمية العربية ودورها.
    الطاهري: واقع العربية بالمؤسسات التعليمية رهيب
    ويرى عمر الطاهري، أستاذ اللغة العربية بالتعليم الثانوي ببني ملال في تصريح لهسبريس، أن واقع اللغة العربية في المؤسسات التعليمية بالمغرب "رهيب" ولا يرضي أحدا، "فالتلميذ لا يكاد يستطيع أن يقرأ النصوص العربية بلغة سليمة"، وهو ما يفقد روح الإبداع، يضيف الطاهري، لدى التلميذ في المجالات المتعلقة باللغة العربية.

    وتأسف الطاهري على واقع علاقة التلميذ والطالب باللغة العربية، فالتلميذ، حسب أستاذ اللغة العربية، لا يكاد يستوعب لغته في المدرسة فضلا عن أن ينتج فيها ويبدع من خلالها، "أما الطالب في الجامعة، فلا يستطيع أن يتحدث بلغة الضاد سليمة دقائق قليلة للأسف"، وهو واقع رهيب يقول الطاهري، يستدعي وقفة جدية وحاسمة من أجل بناء الذوق المادي واللغوي للغة العربية في أنفس التلاميذ والطلاب.
    وأشار الطاهري إلى أن تحفيظ القرآن الكريم في وقت مبكر من عمر الإنسان في الكتاتيب وروض الأطفال كان يُمَكّن الحفاظ من تقويم ألسنتهم على اللغة العربية السليمة ويمكنهم منها، وهو أمر مغيب في الوقت الحالي، يضيف الطاهري، جعل الناس في المجتمع يعيشون كأنهم عجم في لغتهم.
    اليونيسكو تعترف بالعربية..

    صادقت الدورة 190 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونيسكو، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، التي انعقدت في أكتوبر المنصرم بمقرها الرئيسي بباريس، على جعل 18 دجنبر من كل عام يوما عالميا للغة العربية، وهو القرار الذي اقترحه كل من المغرب والسعودية، حيث اعتبر المجلس التنفيذي أن هذه اللغة "هي لغة 22 عضواً من الدول الأعضاء في اليونيسكو.. وهي لغة رسمية في المنظمة ويتحدث بها ما يزيد عن 422 مليون عربي، ويحتاج إلى استعمالها أكثر من مليار ونصف من المسلمين"، مشيرا إلى أن لغة الضاد ذات دور وإسهام في حفظ ونشر حضارة الإنسان وثقافته.
    وعلى إثر ذلك، دعت اليونيسكو إلى ضرورة التعاون على أوسع نطاق بين الشعوب من خلال التعدد اللغوي والتقارب الثقافي والحوار الحضاري بما ينسجم مع ما ورد في الميثاق التأسيسي للمنظمة.
    دعوة إلى التعريف بالعربية في المؤسسات التعليمية

     بدورها أصدرت وزارة التربية الوطنية، ولأول مرة في تاريخها، توصية إلى مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ونواب الوزارة، تدعوا فيها إلى الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، تفاعلا مع مبادرة اليونيسكو، حيث دعت الوزارة كل الفئات التعليمية، من مفتشي اللغة العربية ومديري المؤسسات التعليمية وأساتذة اللغة العربية، في كافة مناطق وجهات المملكة، إلى تخليد هذا اليوم عبر تنظيم أنشطة ثقافية وتربوية موجهة للتلاميذ، قصد التعريف باللغة وبمكانتها الوطنية والدولية.
    في حين، شجعت الوزارة على فتح نقاش علمي وتربوي بين الأطر التربوية العاملة على صعيد كل منطقة تربوية للتعريف بالأبحاث والتجارب الناجحة في مجال تعليمها وتعلمها.
     هسبريس



    admin
    @مرسلة بواسطة
    كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع تعليمي 24 .

    إرسال تعليق